أرشيف

صحف غربية تحذر من التدخل الأمريكي باليمن وتصف واشنطن بانها لم تتعلم من عبر التاريخ

كلما تحدث معلق أو محلل سياسي أميركي عن اليمن هذه الأيام وجدته يصفه بـ"البلد الفاشل", كما لو كان ذلك كافيا لتشريع تدخل أجنبي هناك, لكن ألم يدر هؤلاء أن أسوأ هزائم بلدهم كانت في مثل هذه البلدان بلبنان والصومال والعراق وأفغانستان؟ وهل تدفعهم حادثة محاولة تفجير إحدى الطائرات الأميركية إلى الاندفاع للغوص في المستنقع اليمني؟ هذا ما ناقشته صحف بريطانية وأميركية صادرة الخميس الفائت.

عبَر التاريخ

"التهديد بالتدخل في اليمن دليل على أن واشنطن لم تتعلم من عبر التاريخ" هذا ما اختاره المحرر بصحيفة ذي إندبندنت البريطانية باتريك كوكبيرن عنوانا لتعليق له نشره اليوم حذر فيه من أن الولايات المتحدة الأميركية تقترف نفس خطأ غزوها للعراق وأفغانستان, إن هي أقدمت على مزيد من التدخل العسكري باليمن.

 

 

 

وقد بدأ كوكبيرن تعليقه ببيتين قال إن قبيلة العوالق اليمنية تنشدهما عندما تريد التفاخر:

نحن العوالق من علق * نحن مسامير الدلق

نحن شرارة من جهنم * من دخل فينا احترق

فلهجة التحدي التي يعكسها هذان البيتان والنبرة الغاضبة التي تستشف منهما هي في واقع أمرها -حسب كوكبيرن- نكهة الحياة اليمنية، ويجب على من دفعتهم نشوة الغرور إلى مطالبة واشنطن بمزيد من التدخل في اليمن عشية محاولة تفجير نيجيري زعم أنه تلقى تدريبات باليمن لطائرة أميركية قادمة من أمستردام ومتجهة إلى مدينة ديترويت الأميركية, أن يفكروا مليا في عواقب ذلك

"فاليمن كان دوما مكانا خطرا, وشعبه شعب مسلح يمتلك أفراده العاديون الرشاشات أما أبناء قبائله فلديهم الأسلحة الثقيلة, كما أن سلطة حكومته المركزية محدودة، بل غالبا ما تحاول تفادي المواجهات مع القبائل أو العشائر أو العائلات ذات النفوذ الكبير في البلد.

وحذر كوكبيرن من خطورة ركوب موجة "بلد فاشل" التي يحاول البعض في أميركا أن يدفع من خلالها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى مزيد من التدخل السياسي والعسكري باليمن.

ونقل كنموذج للتحريض على التدخل في اليمن قول مسؤول أميركي إن "العراق حرب الأمس، وأفغانستان حرب اليوم، وإذا لم نقم بهجمات استباقية فإن اليمن سيكون حرب الغد". 

حرب بالوكالة

أما صحيفة تايمز البريطانية فوصفت الهجوم الأخير -الذي شنته القوات اليمنية شمالي منطقة باجيل وقتلت واعتقلت خلاله أشخاصا يعتقد أنهم من تنظيم القاعدة- بأنه آخر حلقة في حرب الوكالة التي تشنها القوات اليمنية بدعم واستخبارات وعتاد القوات الأميركية.

وذكرت أن واشنطن قدمت لليمن العام الماضي مساعدات عسكرية بقيمة خمسة ملايين دولار لا غير, لكنها قررت هذا العام أن تقدم للحكومة اليمنية مساعدات بقيمة 67 مليون دولار.

وحذرت صحيفة غارديان اللندنية من أن أي هجوم عسكري أميركي على اليمن ردا على محاولة تفجير الرحلة 253 لن يكون إلا حلا سيئا يعالج المسألة على المدى القصير فقط.

ورصدت الصحيفة عددا من الهجمات المماثلة التي شهدتها العقود الماضية ولم تكن ناجعة, مثل مهاجمة أميركا لليبيا عام 1986 والرد الأميركي على محاولة اغتيال جورج بوش الأب بالكويت من طرف المخابرات العراقية, وقصف معسكرات تدريب القاعدة في أفغانستان ومجمع الشفاء الطبي بالسودان في عام 1998 على أثر تفجير سفارتي أميركا في كل من نيروبي ودار السلام.

وأكدت الصحيفة أن محاولة تفجير الطائرة تدل على أن ما يحتاجه اليمن هو برنامج شامل لتعزيز قدراته الأمنية ودعم حكومته لتمكينها من ممارسة سلطتها بشكل أفضل, وما لم تتمكن واشنطن من تحقيق ذلك فإن الأمل في منعها اتخاذ "الإرهابيين" لليمن كقاعدة انطلاق لهم, سيبقى ضئيلا.

أما الصحف الأميركية فكان تركيزها على تداعيات الخلل الأمني الذي أدى إلى صعود النيجيري عمر فاروق عبد المطلب إلى الطائرة وهو يحمل معه متفجرات، ومنحه تأشيرة لدخول أميركا رغم المعلومات التي كانت لدى أجهزة المخابرات الأميركية حوله.

فشل ربط الخيوط

اعترضت وكالة الأمن القومي الأميركية قبل أربعة أشهر محادثات بين قادة في تنظيم القاعدة باليمن تطرقوا فيها لاستخدام رجل نيجيري لتنفيذ هجوم إرهابي في وقت لاحق, حسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية

غير أن وكالات الاستخبارات الأميركية -تضيف الصحيفة- فشلت في ربط ذلك بمعلومات تم جمعها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما تقدم والد عمر فاروق عبد المطلب, إلى السفارة الأميركية بنيجيريا وعبر لها عن قلقه بشأن تطرف ابنه.وكان الحاج عبد المطلب طلب مساعدة الأميركيين بعد أن وصلته رسائل عبر الهاتف تظهر أن ابنه باليمن وأنه قد أصبح متطرفا متقدا, وقد وعده الأميركيون بمتابعة القضية غير أنهم لم يتابعوها.

واعتبرت نيويورك تايمز أن محاولة تفجير الطائرة تشبه كثيرا إ

خفاق أجهزة الاستخبارات الأميركية قبل أحداث 11/9/2001, وذلك رغم مليارات الدولارات التي أنفقت على مدى السنوات الثماني الماضية لتحسين تدفق المعلومات الاستخباراتية والاتصالات السرية التي تتم عبر جهاز الأمن القومي الأميركي ككل.

فالمسؤولون الأميركيون ما فتئوا يعبرون عن قلقهم بشأن قدرات أجنحة القاعدة بشمال أفريقيا والعراق واليمن والصومال, لكنهم ظلوا يعبرون عن ثقتهم في أن هذه الجماعات, على خلاف القاعدة بأفغانستان وباكستان, لا يمكنها أن تمثل تهديدا للولايات المتحدة الأميركية

لكن لقد تغير اليوم ذلك التقييم بعد أن أكدت المخابرات الأميركية أن القاعدة باليمن هي التي دربت النيجيري عبد المطلب ووفرت له المعدات التي كان سيستخدمها في تفجير طائرة نقل مدنية وعلمته كيفية إخفائها حتى يدخل بها الطائرة المستهدفة.

علاقة مع العولقي

ويبدو حسب صحيفة وول ستريت جورنال أن لعبد المطلب علاقة مع رجل الدين اليمني المولود بأميركا أنور العولقي, وتركز السلطات الأميركية على شبكة من "المتشددين" باليمن ربما ساهمت في تحويل الشاب النيجيري المتهم في هذه المؤامرة إلى متطرف.

وتذكر الصحيفة أن المخابرات الأميركية كشفت عن اتصالات بين العولقي وعبد المطلب, إلا أنها لا تعرف حتى الآن ما إن كان للعولقي دور في مؤامرة تفجير الطائرة.

واستطردت وول ستريت جورنال عددا من الأسئلة قالت إن إجابة عبد المطلب عنها ستلقي مزيدا من الضوء على ملابسات هذه القضية، وربما تجنب الولايات المتحدة الأميركية هجمات جديدة.

وشملت تلك الأسئلة: أين تدرب عبد المطلب؟ ومن الذي دربه؟ وأين موقع معسكر تدريبه؟ وكيف خبأ المتفجرات التي استخدمها في القنبلة؟ وما هي التقنيات التي تعلمها للالتفاف على أمن المطار؟ وهل كان بالفعل مصحوبا برجل حسن اللباس ساعده على صعود الطائرة كما ادعى أحد الركاب؟ والأهم من ذلك كله هو: هل هناك مخططات لهجمات مستقبلية؟.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى